الغازات النبيلة (الخاملة)
الغازات النبيلة (الخاملة) هي عناصر لا تشترك في التفاعلات الكيميائية، وإنما تبقى خاملة؛ أي ساكنة بلا حركة.
تُعرف هذه الغازات بالنبيلة؛ لأنها تبقى منفصلة عن العناصر الأكثر منها شيوعًا، شأنها شأن الملوك والملكات قديمًا الذين كانوا لا يختلطون بعامة الناس. وهذه الغازات جميعها غير مرئية أيضًا، وأشهرها الهيليوم والنيون، لكن عددها الإجمالي ستة غازات: الهيليوم (He)، والنيون(Ne)، الأرجون(Ar)، والكريبتون(Kr)، الزينون(Xe)، والرادون(Rn).
توجد الغازات النبيلة (الخاملة) على يمين الجدول الدوري وذلك لأن الأغلفة الإلكترونية الخارجية لذراتها ممتلئة تمامًا، والغلاف الخارجي الممتلئ لا يمكنه مشاركة الإلكترونات مع ذرات أخرى. لذلك فإن الغازات النبيله تُكوّن روابط كيميائية في حالات نادرة للغاية، وتبقى غالبًا على هيئة ذرات فردية. ومعظم الغازات النبيلة آمنة للغاية، ولا تضر بالبشر، لكن الرادون، وهو أثقل الغازات النبيلة، مُشِعّ.
الهيليوم: غاز الشمس
كل الغازات النبيلة غير مرئية. ونظرًا لأنها لا تدخل في تفاعلات كيميائية، لم يعرف أحد بوجودها لفترة طويلة. وكان الهيليوم أول ما اكتشف من هذه الغازات، ولم يعثر عليه على الأرض، وإنما في الشمس.
كان العلماء يعرفون أنه عند تسخين العناصر تتوهج هذه العناصر بألوان معينة. وعثروا على العديد من هذه الألوان في ضوء الشمس. وفي أثناء كسوف شمسي حدث عام 1868، درس "بيير جول جانسين" الغازات المتوهجة المحيطة بالشمس، ورأى لونًا جديدًا غير معروف؛ وهو البرتقالي المائل للزهري.
كان من الجلي أنه عنصر جديد! فأطلق عليه "جانسين" اسم الهيليوم نسبة إلى كلمة "هيليوس"، التي تعني باليونانية "الشمس".
الهيليوم هو ثاني أخف العناصر بعد الهيدروجين. وكلا هذين الغازين يطفو في الهواء، ويمكن استخدامهما في المناطيط. لكن الهيدروجين ينفجر بسهولة، لذا فإن مناطيد الهيليوم أكثر أمانًا. يستخدم العلماء مناطيد الرصد الجوي التي تعمل على ارتفاعات عالية للحصول على لقطات سريعة للظروف الجوية على أطراف الفضاء. وفي الواقع يطلق أكثر من 800 منطاد رصد جوي مرتين يوميًا على مدار العام في الغلاف الجوي الخارجي، حيث تقيس هذه المناطيط الضغط والحرارة والرطوبة النسبية.
أنابيب التنفس
لا يتنفس الغواصون في أعماق البحار الهواء، وإنما يستخدمون مزيجًا من الهيليوم والأكسجين. ففي الأعماق الكبيرة، يدفع وزن الماء الموجود في الأعلى الغواص بقوة، دافعًا الغازات في نفس الغواص إلى مجرى دمه.
يحتوي نفس الإنسان على النيتروجين، وعند دفع هذا الغاز إلى الدم، يمكن أن يتسبب في ضرر حقيقي للغواص. لذا، فإن الغواصين يستخدمون الهيليوم بدلًا من النيتروجين في أنابيب التنفس. فالهيليوم أكثر أمانًا من النيتروجين، لكن يظل من الضروري توخي الحذر عند استخدامه، فمن الآثار الجانبية لذلك الغاز الخفيف الوزن أنه يمكن أن يجعل صوت الغواص رفيعًا للغاية.
وهج النيون
تتوهج كل الغازات النبيلة بلون دليلي، مثل لون الهيليوم البرتقالي المائل للوردي. وأوضح الكيميائيون ذلك عن طريق وضع كمية ضئيلة من كل غاز داخل أنابيب زجاجية مكهربة، ثم ثنيها بأشكال مختلفه لأنتاج أضواء ملونة تسمى أضواء النيون.
وكلمة "نيون" مشتقة من الكلمة اليونانية "نيوس" التي تعني "الغاز الجديد". وأضواء النيون نادرة حاليًّا، لكنها كانت تستخدم في السابق كوسيلة جيدة لصنع اللافتات البراقة التي تضيء ليلًا.